Quantcast
Channel: Qantara
Viewing all articles
Browse latest Browse all 19

عودة قوية للسعودية كلاعب دولي وإقليمي

$
0
0
نعم صحيح هذا هو ما حدث: لقاء في السعودية حول حرب في أوروبا. يُبيِّن مؤتمر جدة الذي انعقد في أغسطس / آب 2023 حول حرب أوكرانيا وروسيا مدى تغيُّر العالم. تحليل كريم الجوهري من القاهرة لموقع قنطرة. | لم يجلس فقط أصحاب الوجوه المعروفة حول طاولة الاجتماع الذي عُقد يومَيْ السبت والأحد 05 - 06 / 08 / 2023 في مدينة جدة الساحلية السعودية وضم ممثِّلين عن أربعين دولة شاركوا في "مؤتمر جدة للسلام في أوكرانيا". صحيح أنَّ أوكرانيا فقط شاركت في مؤتمر جدة للسلام بينما غابت عنه روسيا، ولكن أهمية هذه المحادثات في جدة لا تكمن في نتيجتها بقدر ما تكمن في الأطراف التي التقت هناك لأوَّل مرة لمناقشة مسألة الحرب في أوكرانيا. وذلك لأنَّ محادثات جدة لم تقتصر فقط على الأوكرانيين وداعميهم الأوروبيين والولايات المتحدة الأمريكية وكندا. فقد شاركت في الجلوس على طاولة المفاوضات أيضًا الدول ذات الوزن الثقيل في جنوب الكرة الأرضية، وهي: الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا. وربما كان حضور الصين في اللحظة الأخيرة أعظمَ نجاح لهذا المؤتمر. ولكن مع ذلك تبقى على الأقل النتيجة المعلن عنها غير مثيرة إلى هذا الحدّ. فقد انتهى المؤتمر من دون بيان ختامي. وذُكر فقط بشكل غير رسمي أنَّ المشاركين اتفقوا على مؤتمر سيتم عقده لاحقًا، وأنَّ ظروف وتوقيت عقده الدقيقين سيتم الإعلان عنهما من قِبَل المملكة العربية السعودية.     من جانبه عرض الوفد الأوكراني في المؤتمر خطته للسلام، التي تشمل المطالبة بالعودة إلى وحدة الأراضي الأوكرانية والانسحاب الكامل للقوَّات الروسية. وهي مطالب تم التحقُّق من واقعيتها في المملكة العربية السعودية على مستوى عالمي أوسع. دور السعودية الجديد وما يزال من غير الواضح كيف كانت بالضبط نتيجة هذا التحقُّق من واقعية هذه المطالب. إذ لم تخرج في ختام المؤتمر من المشاركين فيه -بمن فيهم ممثِّل الاتحاد الأوروبي أيضًا- سوى كلمتين: "مثمر"وَ "إيجابي". وقد حرصت الصين على التأكيد على أنَّها لم تأتِ إلى المؤتمر من أجل منح خطة السلام الأوكرانية مباركتها بل من أجل الاستماع والمشاركة في النقاش. أمَّا حديث المشاركين عن عقد مؤتمر لاحق فهذا يعني أنَّهم قد وجدوا على ما يبدو خلف الكواليس ما يكفي من الأسس المشتركة من أجل إجراء المزيد من المشاورات التي من المفترض أن توجد فيها مجموعات عمل - مثلًا حول موضوع الأمن الغذائي، وهو موضوع مهم بالنسبة لجنوب العالم، وكذلك حول الأمن النووي وتبادل الأسرى المحتمل، كما أوضح ممثِّلٌ عن الاتحاد الأوروبي. وما من شكّ في أنَّ هذا المؤتمر كان بالنسبة للمملكة العربية السعودية حدثًا خاصًا بصورتها، لأنَّ حاكم السعودية الفعلي، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، كان يُعتبر حتى وقت غير بعيد شخصًا منبوذًا دوليًا بسبب اغتيال المعارض السعودي جمال خاشقجي في عام 2018. وانتهت الآن تلك الأوقات وعادت منذئِذٍ جميع الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية لتبيع بضائعها من دون قيد أو شرط للمملكة العربية السعودية التي باتت تسعى الآن إلى أكثر من ذلك. لقد أصبحت السعودية لاعبًا إقليميًا رئيسيًا وظهرت مؤخرًا أيضًا بدور الوسيط في نزاعات أخرى، مثل وساطتها في الحرب الحالية 2023 في السودان رغم أنَّها لم تحقِّق أي نجاح. واستضافت المملكة العربية السعودية هذا العام 2023 قمة جامعة الدول العربية والتي ظهر فيها الرئيس الأوكراني زيلينسكي كضيف خاص. بوابة إلى روسيا لقد كان ظهور زيلينسكي في القمة العربية أوَّل مؤشِّر يشير إلى أنَّ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يريد لعب دور أكبر في إنهاء حرب أوكرانيا. والآن صارت تسعى هذه المملكة -التي يعتمد العالم كله على نفطها (وأسعاره)- إلى توطيد وجودها كلاعب سياسي عالمي وكوسيط في الأزمات والصراعات.     وبما أنَّ أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية تركتا السعوديين يلعبون هذا الدور فهذا يعود إلى عدة أسباب. فالأوروبيون والأمريكيون يأملون في إشراك السعودية بشكل أكبر في التحالف الغربي من أجل أوكرانيا، والحصول على تصريحات أكثر وضوحًا من الرياض تدين العدوان الروسي. ونظرًا لأنَّهم بالإضافة إلى ذلك يرون أنَّ المملكة العربية السعودية تمثِّل أيضًا وبكلِّ تأكيد بوَّابة غير مباشرة إلى روسيا وهي بالتالي مرشَّحة للعب دور الوسيط. لقد عملت السعودية في الأعوام الخيرة على تَوْسِعَة علاقاتها مع روسيا، وذلك على الأرجح لعلم السعودية بأنَّه لم يعد من الحكمة والذكاء الاعتماد -خاصةً فيما يتعلق بالسياسة الأمنية- فقط على واشنطن التي باتت تنسحب ببطء من الشرق الأوسط. وكذلك السعودية لديها مصالح مشتركة مع روسيا عندما يتعلق الأمر بالذهب الأسود. كما أنَّ البلدين المنتجين كليهما للنفط عضوان فيما يعرف باسم مجموعة "أوبك+". وتضاف إلى ذلك علاقات السعودية مع بكين والتي عملت الرياض على توسيعها أكثر خلال الأعوام الماضية. علاقات جيدة مع جميع الأطراف وحتى الاتفاق بين الخصمين الإقليميين اللدودين إيران والسعودية في شهر آذار/مارس 2023، والذي قرَّر فيه الطرفان -الإيراني والسعودي- استئناف علاقاتهما الدبلوماسية وإعادة فتح سفارتيهما في بلديهما - تم التوصُّل إلية بوساطة صينية. فوجود علاقات جيِّدة مع كلّ من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين أصبح اليوم عملة نادرة. وهذا سبب آخر لقدرة المملكة العربية السعودية على لعب هذا الدور.     ولكن مؤتمر جدة كان هدفه أكثر من مجرَّد أمل محتمل في أن تصبح المملكة العربية السعودية وسيطًا عالميًا - وقد كان أيضًا أكثر بكثير من مجرَّد حدث سعودي للعلاقات العامة. لقد كان هذا اعترافًا بأنَّ هذه الحرب رغم أنَّها تدور في أوروبا -وعلى حدود الناتو وبالتالي على حدود الولايات المتحدة الأمريكية أيضًا- لكن المفاوضات لإنهائها تحتاج إلى صيغة أكثر عالمية يمكن أن تشارك فيها أيضًا دولٌ مثل الصين والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا ويمكنها حتى أن تحقِّق المزيد. وبذلك فقد كان هذا الاجتماع في جدة بمثابة بالون اختبار، لم ينبثق عنه من دون شكّ أي شيء حاسم لإنهاء الحرب في أوكرانيا، ولكن المشاركين فيه قرَّروا الاستمرار حتى وإن كان ذلك صعبًا. لقد تم على أية حال تحقيق شيء واحد بهذا الاجتماع في المملكة العربية السعودية، وهو أنَّ: البحث عن إنهاء الحرب في أوكرانيا بات يعتمد الآن على إطار عالمي أوسع.     كريم الجوهري ترجمة: رائد الباش حقوق النشر: موقع قنطرة 2023 ar.Qantara.de  

Viewing all articles
Browse latest Browse all 19

Latest Images

Trending Articles





Latest Images

<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>
<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596344.js" async> </script>